غزيون: بساعات السحور طائرات الاحتلال تشن علينا الغارات


جراسا -


بينما كان سكان قطاع غزة في ساعات الليل المتأخرة يترقبون موعد السحور في شهر رمضان المبارك، شنّت طائرات الاحتلال غارات عنيفة استهدفت شخصيات حكومية وعددًا من المباني السكنية المأهولة بالسكان، وأسفرت عن استشهاد أكثر من 400 فلسطيني في يوم واحد، مسترجعة مشاهد المجازر التي لا تزال عالقة في ذاكرة الغزيين طوال الـ 18 شهرًا الماضية.

ووفقًا لبيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أسفر عدوان الاحتلال الجوي عن استشهاد أكثر من 400 فلسطيني، بينهم 174 طفلًا، و89 امرأة، و32 مسنًا، و109 رجال، وبذلك، فإنّ نسبة الضحايا من الأطفال والنساء وكبار السن تمثل 73% من إجمالي عدد الشهداء.


الفلسطيني محمود وادي، تحدث عن تجربته المؤلمة التي عاشها في وقت حساس، قائلاً: «كنت في انتظار السحور، فوجئت بصوت القصف الذي جعل الأرض تهتز، ومن هول الصوت وقوة الانفجارات عجزت عن الوصول إلى أطفالي في غرفهم، وكل شيء كان يهتز حولي وكأن العالم ينهار».

وأضاف وادي وهو يروي حجم الرعب الذي عاشه: «كل ثانية تمر وقت القصف والاستهداف كانت تزيد من شدة الخوف والرعب داخلي، وما يزيد الألم هو أن هذه الغارات أتت في وقت حساس جداً، في وقت يفترض أن يكون مليئًا بالطمأنينة والسكينة في شهر رمضان، ولكننا في غزة نعيش في رعب لا يطاق كأننا لا نعلم متى ستأتي الغارة التالية، ومع كل انفجار يرتفع شعورنا بالخوف، وكأن هذا الشهر الكريم أصبح شهراً للموت والترقب بدلاً من أن يكون شهرًا للسلام الروحي والعائلي».


أما المواطن بشير الدلو، فأوضح في حديثه، أنّ « أولادي كانوا يغطون في نوم عميق، وفجأة اهتزت جدران منزلي بقوة لدرجة أنني ظننت أنّه سينهار علينا، وكنت في حالة من الفزع، لا أستطيع أن أتحرك ولا أن أؤمن لأولادي مكانًا آمنًا وسط القصف العنيف، وفي تلك اللحظة، شعرت بعجز تام عن توفير الحماية لهم».


وأشار الدلو إلى أنّ «مشاعر القلق لا تقتصر عند الأوقات التي يكون فيها القصف، بل تمتد إلى كل لحظة في حياتنا بغزة»، مبيناً أنّنا «نعيش كل لحظة في حالة ترقب، وكلما سمعنا صوت الطائرات أو دوي الانفجارات، نعيش خوفًا يستمر مع كل لحظة، فالغارات تأتي فجأة، ولا أحد منا يعرف ما إذا كانت ستكون الغارة الأخيرة أم لا، بل إنّ الرعب يمتد إلى أطفالي الذين أصبحوا لا يميزون بين الليل والنهار، وبين الأوقات العادية ووقت القصف».

المسنة هدى النحال، قالت ، إنّ «الخوف يسيطر علينا جمعياً في غزة، فقدنا جيراننا في الغارات، واليوم نعيش في نفس الخوف، لا أستطيع أن أقول لعائلتي إنه سيكون كل شيء على ما يرام، فكل شيء غير آمن هنا»، لافتةً إلى أنّ «الأطفال يبكون طوال الوقت، لا يعرفون لماذا يحدث كل هذا، ومتى ستنتهي هذه الحروب، ومنذ أشهر طويلة ونحن نعيش في هذا الكابوس، وكل يوم يمر نسمع عن مزيد من الشهداء، ونحن نعيش في قلق متزايد.»


ومع تزايد أعداد الشهداء والمصابين في غزة نتيجة القصف المستمر، يتزايد الضغط بشكل غير مسبوق على المنظومة الصحية التي تعاني من أزمات خانقة في ظل الظروف الراهنة، فالمستشفيات والمراكز الصحية التي كانت تعاني في الأصل من نقص حاد في الإمكانات والمستلزمات الطبية، تجد نفسها الآن أمام تحديات أكبر، حيث تعجز عن تقديم الرعاية اللازمة للعدد الكبير من الجرحى.

بدوره، أكد الناطق باسم وزارة الصحة، الدكتور خليل الدقران، أنّ الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مجازر دموية بحق المدنيين في القطاع، أسفرت عن سقوط مئات الشهداء والجرحى، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، موضحاً أنّ العديد من الإصابات خطيرة للغاية، خصوصًا في الرأس والصدر، وأنّ عددًا كبيرًا من الأطفال وصلوا إلى المستشفيات مبتوري الأطراف.


وبين الدقران ، أنّ «الأعداد الكبيرة من الشهداء والجرحى تفوق قدرة النظام الصحي في غزة، الذي يعاني من تدمير ممنهج منذ أكثر من عام ونصف»، مشيراً إلى أنّ المعابر مغلقة منذ 18 يومًا، مما حال دون إدخال المساعدات الطبية والإنسانية التي يمكن أن تُنقذ الوضع الكارثي في القطاع.

ولفت الناطق باسم الصحة، إلى وجود نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، حيث دمّر الاحتلال غالبية الأجهزة الطبية، بما في ذلك أجهزة التصوير التشخيصي، والرنين المغناطيسي، والأشعة، بالإضافة إلى أجهزة العناية المكثفة وغرف العمليات، محذرًا من أنّ الوضع قد يؤدي إلى ارتقاء المزيد من الجرحى، فيما طالب المجتمع الدولي بضرورة التدخل لوقف عدوان الاحتلال، والضغط عليه لفتح المعابر لإدخال المساعدات.

من جهته، أكد المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مجزرة مروعة فجر الثلاثاء، حيث استهدفت الغارات أكثر من 100 هدف بشكلٍ متزامن مختلف مناطق القطاع، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 400 شخص، بالإضافة إلى قرابة 600 مصاب، منهم حالات حرجة.

وأوضح بصل ، أنّ القصف تركز على المنازل ومراكز الإيواء، فيما عجزت طواقم الدفاع المدني والطواقم الطبية عن الوصول إلى كافة المناطق المستهدفة بسبب نقص المعدات نتيجة تعنت الاحتلال في إدخالها خلال فترة اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ في 19 كانون الثاني الماضي، مطالباً بوقف المجازر ودعوة المجتمع الدولي للضغط على الاحتلال لوقف العدوان.

من جانبه، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إنّ صمت المجتمع الدولي على جرائم «إسرائيل» في غزة خلال الـ 18 شهرًا الماضية يعد تفويضًا لها لاستمرار المجازر والإبادة الجماعية، محذراً من أنّ الأفعال الإسرائيلية، بما في ذلك القتل الجماعي والتجويع المتعمد، تشكّل جرائم حرب وإبادة وفقًا للقانون الدولي.

وأكد المرصد الحقوقي في بيانه، أنّ الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال جاءت بعد أكثر من أسبوعين من إغلاق المعابر مع غزة، مما منع دخول السلع الأساسية والمساعدات الغذائية، بما فيها المنقذة للحياة، إلى جانب الوقود والمستلزمات الطبية، موضحاً أنّ هذا الحصار أدى إلى انهيار القطاعات الخدمية والحيوية، مما يعقد جهود الاستجابة الإنسانية وتقديم الرعاية الطبية.

وأشار الأورومتوسطي إلى أنّ الهجمات الأخيرة أسفرت عن استشهاد أكثر من 420 شخصًا، بينهم أطفال ونساء، وجرح المئات، مشيرًا إلى أنّ النظام الصحي في غزة انهار بسبب الاستهدافات المتواصلة، مما سيؤدي إلى ارتفاع أعداد الشهداء بشكل كارثي، إذ يُترك الجرحى ينزفون حتى الموت دون إمكانية تلقي العلاج، ويحوّل كل جريح إلى ضحية محتملة.

ودعا المرصد الأورومتوسطي جميع الدول إلى ممارسة الضغط على إسرائيل لوقف عملياتها العسكرية في غزة والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، مطالباً بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على إسرائيل، بما في ذلك حظر تصدير الأسلحة ووقف التعاون العسكري، وتجميد أصول المسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين.

الدستور



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات