مواقع التواصل الاجتماعي .. من الترفيه إلى التفكك والفتن
جراسا - عمران السكران
تتذكرون عندما كانت مواقع التواصل الاجتماعي مجرد وسيلة للتواصل ونشر صور الطعام ومعرفة موعد أعياد الميلاد
وللمشادات البريئة، ونقل أخباز مباريات كرة القدم، ونقل حالة الطقس من مصدرها؟.. تلك الأيام كانت بسيطة ولكن للأسف الحياة لا تدوم على حالها، اليوم أصبحت هذه المواقع منصات لنشر الفوضى والمعلومات الخاطئة والأخبار المضللة والفتن، وسببا في الدمار الاجتماعي، وخطرا على الرأي العام واتجاهاته، وأصبحت من يسيطر على مجريات المشهد.
لا بد أنكم لاحظتم كيف أن الأمور قد خرجت عن السيطرة، فحتى كرة القدم، تلك اللعبة التي كانت مصدر سعادة للعديد، أصبحت أداة لخلق فتنة بين الدول.. "يا إلهي!"، هل نحن الآن نستخدم كرة القدم لتقسيم الشعوب؟ يبدو أن كل شيء أصبح ممكناً.
هناك من تناول القضية بكل زواياها الظاهرة للعيان والمخفية، ولكن الأمور أصبحت تجري في طريق نهايته وخيمة على الحكومات والمجتمعات والاقتصاديات، ويجب أن يكون هناك إجراءات وآليات واستراتيجيات حقيقية لمواجهة هذا الأمر الذي أصبح يشكل خطرا كبيرا على النسيج المجتمعي، وكل مبغى من يبحر في هذا الفضاء التقني هو تحقيق "الترند"، والتصيد لمآرب سياسة وأمنية ونشر الفوضى من قبل جهة ما، وأخرها محاولات نشر الفتة بين الأردن والعراق عن طريق اللعبة الشعبية كرة القدم، فكان لهم الأثر الكبير في توجيه الرأي العام.
أن انتشار صناعة المحتوى من قبل القاصي والداني وظهور مصطلح "الصحفي المواطن" افرز مجتمعا يركض خلف "الترند" من خلال زيادة المشاهدات وعلامات الإعجاب والمناقشات، فقط من أجل جمع المال لمن يرد المال فقط، ولخلق الفوضى لمن يصطاد بالماء العكر من خلال نشر التفاهات لأهداف سياسية بحتة، ولا أريد أن أخوض في هذا الأمر لأنه اتخم بالمناقشات والتحذيرات، وعلى الرغم من وضع القوانين لضبط هذا المشهد، إلا أنه يراد له المزيد من الضبط والتحكم، هل ممكن ذلك؟
فتخيلوا، في عام 2025، أصبح 92.5% من سكان الأردن يستخدمون الإنترنت، وهذا ليس العدد الوحيد الذي يمكن أن يصدمكم، بل أيضاً 6.45 مليون شخص يتنقلون يومياً في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يعني أن 55% من الشعب الأردني يتعرضون للمحتوى المنتشر على تلك المواقع سواء كان الجيد أو المحرف أو المضلل، وهذه الأرقام تزداد يومًا بعد يوم، بحسب تقرير لجمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات "إنتاج" نقلا عن بيانات تقرير "داتاريبورتال" السنوي، فماذا نفعل في مثل هذه الحالة؟ هل ننتظر حتى يبدأ الإنترنت في تدميرنا تمامًا؟ في الواقع، هذا هو ما بدأ يحدث بالفعل.
طبعا هذا النمو الرقمي يعكس توجها متزايدا نحو التكنولوجيا الحديثة في الأردن، وهذا يشكل تحديا كبيرا في تشكيل الرأي العام، حيث تُستخدم لنشر المعلومات بسرعة، مما قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على النسيج المجتمعي، وإذا كنت تعتقد أن الموضوع يتعلق فقط بمقاطع الفيديو المضحكة فأنت مخطئ تماماً، الآن هناك "صحفي مواطن" يطارد "الترند" فقط لزيادة المشاهدات، والجميع يريد أن يركض خلف "التريند" حتى لو كان ذلك على حساب نشر الأكاذيب وتوجيه الرأي العام بما يخدم مصالحهم الشخصية، المشكلة أكبر من مجرد نشر معلومات مغلوطة، إنها تهديد حقيقي للنسيج المجتمعي.
هل هناك حل لهذا الفوضى؟ نعم، الحل موجود، ولكن سيتطلب منا العمل بجد لمعالجة هذه القضية، يمكن اتباع عدة استراتيجيات وآليات منها تطوير سياسات النشر، فعلى المؤسسات المعنية وضع سياسات واضحة تنظم المحتوى المتداول على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة خلال الفترات الحساسة مثل الانتخابات أو المبارايات الرياضية التي قد تشكل مشكلة أمنية وسياسية على سبيل المثال .. وأيضا استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للكشف عن المحتوى المضلل أو الضار وتحليل الصور والفيديوهات والتأكد من مصداقيتها.. ماذا لو كان بإمكاننا استخدام التكنولوجيا نفسها التي تساهم في نشر الفوضى لمكافحتها؟
طبعا توحيد الجهود بين الحكومات والمؤسسات الإعلامية ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مهم جدا لمكافحة التضليل وضمان تداول المعلومات الصحيحة، من خلال تنظيم حملات توعية لتعليم المستخدمين كيفية التحقق من مصداقية المعلومات والتعامل بحذر مع المحتوى المثير للجدل، وتفعيل دور المؤسسات الحكومية من خلال استخدام منصات التواصل الاجتماعي من قبل المؤسسات الحكومية لإدارة الأزمات والتواصل الفعّال مع الجمهور، إذ أن دراسة حول هذا الموضوع أشارت إلى ضرورة تركيز المؤسسات على التواصل مع الجمهور عبر المنصة الأكثر استخدامًا لضمان وصول الرسالة بفعالية.
فمن خلال تطبيق هذه الاستراتيجيات، يمكن الحد من التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي وضمان استخدامها بشكل يخدم المجتمع ويحافظ على تماسكه.
بالتأكيد، يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تكون قوة إيجابية إذا تم استخدامها بشكل صحيح، لكنها قد تتحول إلى سلاح خطير إذا استمررنا في السماح لها بتوجيه الرأي العام لخدمة الأهداف الشخصية، المشكلة تكمن في أننا نعيش في عالم يسير بسرعة فائقة، والإنترنت يسبقنا دائمًا، فما هو الحل؟ هل نضبط الوضع؟ أم نترك الأمور تسير في طريق نهايته وخيمة؟
عمران السكران
تتذكرون عندما كانت مواقع التواصل الاجتماعي مجرد وسيلة للتواصل ونشر صور الطعام ومعرفة موعد أعياد الميلاد
وللمشادات البريئة، ونقل أخباز مباريات كرة القدم، ونقل حالة الطقس من مصدرها؟.. تلك الأيام كانت بسيطة ولكن للأسف الحياة لا تدوم على حالها، اليوم أصبحت هذه المواقع منصات لنشر الفوضى والمعلومات الخاطئة والأخبار المضللة والفتن، وسببا في الدمار الاجتماعي، وخطرا على الرأي العام واتجاهاته، وأصبحت من يسيطر على مجريات المشهد.
لا بد أنكم لاحظتم كيف أن الأمور قد خرجت عن السيطرة، فحتى كرة القدم، تلك اللعبة التي كانت مصدر سعادة للعديد، أصبحت أداة لخلق فتنة بين الدول.. "يا إلهي!"، هل نحن الآن نستخدم كرة القدم لتقسيم الشعوب؟ يبدو أن كل شيء أصبح ممكناً.
هناك من تناول القضية بكل زواياها الظاهرة للعيان والمخفية، ولكن الأمور أصبحت تجري في طريق نهايته وخيمة على الحكومات والمجتمعات والاقتصاديات، ويجب أن يكون هناك إجراءات وآليات واستراتيجيات حقيقية لمواجهة هذا الأمر الذي أصبح يشكل خطرا كبيرا على النسيج المجتمعي، وكل مبغى من يبحر في هذا الفضاء التقني هو تحقيق "الترند"، والتصيد لمآرب سياسة وأمنية ونشر الفوضى من قبل جهة ما، وأخرها محاولات نشر الفتة بين الأردن والعراق عن طريق اللعبة الشعبية كرة القدم، فكان لهم الأثر الكبير في توجيه الرأي العام.
أن انتشار صناعة المحتوى من قبل القاصي والداني وظهور مصطلح "الصحفي المواطن" افرز مجتمعا يركض خلف "الترند" من خلال زيادة المشاهدات وعلامات الإعجاب والمناقشات، فقط من أجل جمع المال لمن يرد المال فقط، ولخلق الفوضى لمن يصطاد بالماء العكر من خلال نشر التفاهات لأهداف سياسية بحتة، ولا أريد أن أخوض في هذا الأمر لأنه اتخم بالمناقشات والتحذيرات، وعلى الرغم من وضع القوانين لضبط هذا المشهد، إلا أنه يراد له المزيد من الضبط والتحكم، هل ممكن ذلك؟
فتخيلوا، في عام 2025، أصبح 92.5% من سكان الأردن يستخدمون الإنترنت، وهذا ليس العدد الوحيد الذي يمكن أن يصدمكم، بل أيضاً 6.45 مليون شخص يتنقلون يومياً في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يعني أن 55% من الشعب الأردني يتعرضون للمحتوى المنتشر على تلك المواقع سواء كان الجيد أو المحرف أو المضلل، وهذه الأرقام تزداد يومًا بعد يوم، بحسب تقرير لجمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات "إنتاج" نقلا عن بيانات تقرير "داتاريبورتال" السنوي، فماذا نفعل في مثل هذه الحالة؟ هل ننتظر حتى يبدأ الإنترنت في تدميرنا تمامًا؟ في الواقع، هذا هو ما بدأ يحدث بالفعل.
طبعا هذا النمو الرقمي يعكس توجها متزايدا نحو التكنولوجيا الحديثة في الأردن، وهذا يشكل تحديا كبيرا في تشكيل الرأي العام، حيث تُستخدم لنشر المعلومات بسرعة، مما قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على النسيج المجتمعي، وإذا كنت تعتقد أن الموضوع يتعلق فقط بمقاطع الفيديو المضحكة فأنت مخطئ تماماً، الآن هناك "صحفي مواطن" يطارد "الترند" فقط لزيادة المشاهدات، والجميع يريد أن يركض خلف "التريند" حتى لو كان ذلك على حساب نشر الأكاذيب وتوجيه الرأي العام بما يخدم مصالحهم الشخصية، المشكلة أكبر من مجرد نشر معلومات مغلوطة، إنها تهديد حقيقي للنسيج المجتمعي.
هل هناك حل لهذا الفوضى؟ نعم، الحل موجود، ولكن سيتطلب منا العمل بجد لمعالجة هذه القضية، يمكن اتباع عدة استراتيجيات وآليات منها تطوير سياسات النشر، فعلى المؤسسات المعنية وضع سياسات واضحة تنظم المحتوى المتداول على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة خلال الفترات الحساسة مثل الانتخابات أو المبارايات الرياضية التي قد تشكل مشكلة أمنية وسياسية على سبيل المثال .. وأيضا استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للكشف عن المحتوى المضلل أو الضار وتحليل الصور والفيديوهات والتأكد من مصداقيتها.. ماذا لو كان بإمكاننا استخدام التكنولوجيا نفسها التي تساهم في نشر الفوضى لمكافحتها؟
طبعا توحيد الجهود بين الحكومات والمؤسسات الإعلامية ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مهم جدا لمكافحة التضليل وضمان تداول المعلومات الصحيحة، من خلال تنظيم حملات توعية لتعليم المستخدمين كيفية التحقق من مصداقية المعلومات والتعامل بحذر مع المحتوى المثير للجدل، وتفعيل دور المؤسسات الحكومية من خلال استخدام منصات التواصل الاجتماعي من قبل المؤسسات الحكومية لإدارة الأزمات والتواصل الفعّال مع الجمهور، إذ أن دراسة حول هذا الموضوع أشارت إلى ضرورة تركيز المؤسسات على التواصل مع الجمهور عبر المنصة الأكثر استخدامًا لضمان وصول الرسالة بفعالية.
فمن خلال تطبيق هذه الاستراتيجيات، يمكن الحد من التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي وضمان استخدامها بشكل يخدم المجتمع ويحافظ على تماسكه.
بالتأكيد، يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تكون قوة إيجابية إذا تم استخدامها بشكل صحيح، لكنها قد تتحول إلى سلاح خطير إذا استمررنا في السماح لها بتوجيه الرأي العام لخدمة الأهداف الشخصية، المشكلة تكمن في أننا نعيش في عالم يسير بسرعة فائقة، والإنترنت يسبقنا دائمًا، فما هو الحل؟ هل نضبط الوضع؟ أم نترك الأمور تسير في طريق نهايته وخيمة؟
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |